بناء أسرة مستقرة ناجحة في عصرٍ مضطربٍ
#حقائق
#واقع
* الدكتور عكرمة عمايرة
سأُناقش في هذا المنشور قضية إجتماعية معاصرة مهمة:
لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مساعدته لأهل بيته:
"ففي مسند الإمام أحمد عن عروة عن أبيه، قال: سأل رجل عائشة هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته شيئا، قالت: نعم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته" (صححه الأرناؤوط).
لذا، ففي هذا الحديث وغيره الكثير، توجيهٌ نبويٌ متميزٌ للتشاركية البناءة في بناء أسرة مستقرة ناجحة، في عصرٍ مضطربٍ نعيشه مع صعوبة ظروف الحياة القاهرة.
#المهم_مشكلتنا_المعاصرة:
أن كلا الزوجين قد يكونان يعملان، وممكن طبيعة عمل الزوجة أكثر جُهداً ومشقةً، وفي نفس الوقت قد يكون عملها أنفعُ مادياً لأُسرتها وبيتها؛ ولـ نُصارح أنفسنا قليلاً وبجراءةٍ أنّ هذا من أهمِّ دوافعِ عمل زوجاتنا وبناتنتا هذه الأيام، إلخ. بل إنَّه، بكل أسفٍ، أصبح من أحد أسباب إختيار الزوجة، وقد يُقدم على دينها وخُلقها.
#الواقع، أنَّ جزء كبير من أبناء جلدتنا العرب والمسلمين ما زالوا متمسكين بدور المرأة التقليدية وبأنها مسؤولة عن كل أمور البيت وأحواله وتقديره وتدبيره، دون أدنى تشاركية (وكأنه نظام فنادق).
#بالعامية:
ممكن يطلع كلا الزوجين لشُغلهم معاً قبل السابعة صباحاً وسوياً، ويرجع عطوفته للبيت قبلها أو بعدها بربع ساعة مثلاً (4 عصراً)!
#المصيبة:
أنّه لا يزال يتبنى (او جاهداً يُكابر ويتمنى) أنّها المسؤولة الأولى والوحيدة عن تربية الأطفال، إطعامهم، تدريسهم، نظافتهم، ... والقائمة تطول بالمسؤوليات، الخ. وعطوفة الزوج (الذكر على رأي إخواننا المصريين، أو الفحل على لسان الآخرين)، همُّه الأساسي يروح يرتاح لحين جُهوز طعامه ليتناوله لينتقل فوراً للقيلولة كونه أمضى يومه يعمل مجاهداً وقام بتحرير القدس ووفّر رزقاً طيباً كريماً واسعاً (قد يكون نسيَ أنّه برحمة الله تعالى وتدبيره الخَفيّ، والذي قد يكون أهم أسباب سياقه له هو أصغر او أضعف أطفاله سواء أنثى او ذكر أو من أجل أُمّهم التي قامت ليلتها لربها عابدةً ناسكةً بركعتين في سواد الليل القاتم في غرفة مجاورة حتى لا تزعج هناء نوم زوجها وأبنائها، علماً أنّهم لهم نصيب الأسد الوافر من الدعاء ولم ينته برنامجها بعد (فهي ما زالت بأشدّ الحاجة لبعض النوم قبل الفجر لعبادة ربها)، ثم تجفيف دموعها من ضيق الحياة حتى لا تفسد كامل عملها الذي عملته لزوجها وأطفالها طيلة ذلك اليوم، ما زال أمامها صحوة أبكر بنص ساعة على الأقل لتجهيز فطور الكل وقهوة الزعيم!!
ثم، وتتأكد من تسريحة شعر وحذاء إبنتها، ثم تبدأ مسرعة مهرولة حتى تلحق عملها ولا تحرج بيئة عملها بأن تكون حريصة على أن لا تعطي صورةً سيئةً عن قدرة المرأة العربية العاملة المسلمة المحافظة. تستعجل أيضاً، حتى لا تؤخر زوجها إن مَنّ عليها بتوصية بطريقه (علماً بأن المركبة قد تكون بإسمه وأقساطها من راتبها المُنهك).لكنها تبقى إمرأةً وهو سيد الموقف، بينما هو يعتبر نفسه قدّم عملاً عظيماً نافعاً في بيئة عمله مقابل أجرٍ قد لا يُعادل جزء مما قدمت هي في يومها.
.
ثم تبدأ رحلة المساء: حيث يكون غالباً أسداً متاهباً، يكون حاضراً جاهزاً سباقاً مِقداماً لـ سهرةٍ شبابيةٍ على مِزاجه، شريطة عودته متى شاء والضميرٍ مرتاحٍ؛ شريطة أن يكون لباس عمل اليوم التالي جاهزاً للإنطلاق به كما يريد مع فطورٍ كما يريد وكاسىة قهوة، وهِي المستورة ممكن فطور مثل الخلق ما أفطرت، كونها مشغولة بترتيبات صغارها، وبناءاً عليه قد تكون 'مصنفة كصنف بشري درجة ثانية".
#صديقي:
رجاءً اصحى، المخلوقة زوجتك موظفة مثلها مثلك، ينطبق عليها قانون العمل والعمال الظالم للطرفين بالمناسبة من حيث ساعات العمل، إنجازاتها وتطوير ذاتها وترقياتها وإحتمالية خسارة وظيفتها لسبب ما مثل التقصير والإجهاد المبالغ فيه وسوء تقسيم أدوار البيت و مسؤولياته بشكل غير عادل وغير منصف للطرفين ولا حتى الأطفال.
#أخي_الفاضل:
هِي إنسانة وشريكة حياة قبل أن تكون بطاقة بنكية ائتمانية او فرصة استثمارية لك ولأبنائك مستقبلاً أو عمالة وافدة "مع أكمل الإحترام لهم صدقاً".
#زميلي_المهذب:
هِي لديها إرتباطات وإلتزامات إجتماعية وأخرى مهنية؛ بعضها قد يكون مادياً أو معنوياً أو كلاهما بحكم عملها، حتى وإن كانت على أعلى درجات الإلتزام والمحافظة الشرعيين.
#أخي_الكريم:
يطول الحديث وأنا لست بأبلغكم ولا أزكاكم على الله سبحانه وتعالى.
#نصيحة:
اقرأ النصيحة مجردة، دون أدنى محاولة منك او مِن مَن هم حولك لشخصنة التأويلات تحت مفهوم من يحب الكاتب أويكره.
#الحقيقة_مُرّة:
هذه قضايا إجتماعية ذات أبعاد إقتصادية أخلاقية وغيره، قضايا قد لا تكون مُهمة لك كشخص لكنها والله أعلم موجودة ملموسة بشدة من طرف بناتنا، طالباتنا، أخواتنا، زميلاتنا. وحتى بعض الزملاء الرجاجيل للاسف مفاخرين الآخرين بها بأنهم أصحاب كلمة لا يُشق لها غُبار ولا يكسر لهم أمرٌ قط بغير وجه حقٍّ، وأنَّه الكل بالكل؛ ولكن نعلم ونسمع كيف تدار بعض البيوت بسبب الظلم والإجحاف والتمييز، الذي يكون الوالدين "غالباً الرجل سببه أو بدايته وداعمه"!
#نعم:
قد تبدو قضايا تافهه للبعض، غامضة لآخرين، لكنها حقيقة متشابكة جداً، قديمة حديثة متجددة أحياناً؛ يجب أن لا نغفل عنها ولا نُأّخر التحقيق فيها ونصلح ما قدّر لنا الله سبحانه وتعالى وأكرمنا بشرف تقديمه في سبيل الإصلاح لوجهه الكريم سبحانه وتعالى.
#أستاذي #زميلي، #أخي:
هيه ليست جاااريةً قطعاً.
#أستاذي #زميلي #أخي:
"رفقا بالقوارير".
#ملاحظة:
أنا لم أتحدث في مشروعية عمل المرأة المطلقة وضوابطها (فهذه لها أهلها من أهل الإختصاص الشرعي والإجتماعي لبيان الحالة العامة والخاصة لكل وظيفة)؛ أنا تكلمت عن ظرفٍ معين مفاده وحقيقته أنَّ كل من المرأة والرجل يعملان.
اللهم فإشهد أنها ليست شماتة ولا مغامرة، ولكنها وربّي حُرقة وغِيرة نسأل أجرها خالصة من الله تعالى وحده إن تفضل وعلم بها وبنا خيراً ثم منّ علينا بقبولها، سبحانك ربي ما أكرمك وأنْعمك وأعظمك، سبحانك ربّ؛ فغفرانك ربّيّ.
وحقيقة آسف جداً للإطالة وبساطة اللغة.
وسلامتكم
تعليقات
إرسال تعليق