اتركوها لنا نافذة نتنفس منها حب الوطن
اتركوها لنا نافذة نتنفس منها حب الوطن...
بقلم المهندس مدحت الخطيب
لم أتحدث يوما أو أعمل مقارنة في ذاتي ولا حتى في كتاباتي بين الأردن أو اي بلد أخر، فكفة الوطن على الدوام راجحة ولها الأفضلية الأبدية الى أن يرث الله الارض ومن عليها ،
نقولها بصدق الانتماء لا التلاعب بالألفاظ، نراه شامخّا كالطّودِ، وصلبا كالصوان وحنون كصدر الأم ، نشتاق اليه كشوق الحجيج الى الوقوف بعرفات ، وهذا ليس من بأب العصبية للوطن أو المديح مع أن أصدق أنواع المديح واجملها تكون في الوطن...
،هو كما تحدثت به غيري الملاذ والأمان والاستقرار ، وكل ما نتمناه بأن يكون الأردن كبقية دول العالم انموذج يحترم في تطبيق الأنظمة والقوانين وأن ينعم أبنائه بالرفاهيةو والرخاء وأن يتم و بشكل جدي محاربة الفساد والنيل من الفاسدين، وأن يتحول ذلك الى أفعال لا شعارات..
اقولها بالعلن فقد أصبح الطموح الممزوج بالأحلام ينقسم نصفين في ذلك لأن النفس تبحث عما يريحها ويسعدها لتستقر وتكون قادرة على العطاء دون منغصات
،
لأجل ذلك اكتب بالواقع دائما لا بالطموح والأحلام، كتبت كثيرا في حب الوطن والانتماء لترابه وقيادته وأهله، لأننا دونها ستغلق بوجهنا الأماني وتنتهي المعادلة إلى الأبد...
قالها من قبلي كثر اتركوا لنا الوطن ولكم ما دون ذلك، وأكررها بلسان حالهم فوالله لن نستبدل الأردن الغالي بجنان عدن، كيف لا وقد سبقنا في حب الوطن معلمنا الأول عليه الصلاة والسلام حين قال لمكة مودعا حزينا وهو يغادرها (ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك)...
بالحب والانتماء والولاء لهذا الوطن الطيب ذكره ولدنا رجالا وتربيا كراما وعشنا محاربين، وسنموت على ذلك،
كبرت معنا الأحلام ورسمت الآمال خطوطا في عيون أطفالنا، فكنا له كالورد الباحث عن الماء النقي، نتحسس بذور الشوك بقلوبنا، فنزيلها بالهدم والردم والعلم والقلم قبل ان ينبت لها جذر او ينمو لها ساق ،
فهذا الوطن الذي ما شهد علينا يوما بزور ولا نكران ولا خذلان، والله لن نشهد عليه ولا على قيادته وأهله بزور ولا تقصير ولا نكران، فالأردنيين بجلهم ما خلقوا بين عقدة الأخذ ومتاهات الهبات والأعطيات والمقايضات، حتى وأن اشتدت علينا المحن أو تقاسمنا طعم المرار من أبناء جلدتنا...
نعم حب الوطن فطرة زرعت في البشر، وقد يكون بمثابة احتلال شامل للجسد والروح، وان التنكر له أو خذلانه من عزم الأمور ، فكيف بمن يخونه أو يصمت عن خيانة أو تقصير وقع عليه وهو قادر على أن يوقف ذلك،
يقال إذا أردت أن تعرف مقدار حبك لأمر ما فابتعد عنه، فإن عاد إليك في أحلامك فإنه ملكك وأنت ملكه، وهذا ديدن الأردنيين في بلاد الاغتراب، فجلهم يحلم- ليل نهار- بوطن أجمل يكملون به حياتهم بعد سنوات التشتت والاغتراب والبعد عن الاهل والاحباب....
ما يزعجني ويسهرني ويدمع عيني حالة التنكر والتقصير التي أشاهدها يوميا وفي كل مناحي الحياة عندما أطالع عيون وردود فعل عدد كبير من صناع القرار،
حتى أصبح الواحد منا يستشيط غضبًا؛ عندما يجد مسؤول يتحدث بأمر يهمنا جميعا ،بكل برودة أعصاب وأنت تحدثه بحرقة المواطن الغيور على أهله وأرضه..
اليوم الكل يتحدث ويصرخ الف الف مره ولا يجد جوابا من أحد، عندها بالطبع سيسيطر علينا اليأس وكأن صوتك بلا صدى!
تستشيط غضبًا ؛ عندما تسمع جلالة الملك وهو يتحدث عن المواطن وهمومه وعن تذليل العقبات أمام الإستثمار والمحافظة على ما هو موجود ومحاسبة الفاسدين ومن يقف خلفهم وتجد من صناع القرار من يتصرف خلاف ذلك، لا بل تجد من يزيد الطين بِلَّة فيهدم أكثر مما يعمر، ويضيق الخناق على اقتصاديات الوطن ويتقاعس في إعادة حقوق المواطن التي نهبت .
تستشيط غضبا بلا سبب؛ عندما تدخل في نقاش مع مسؤول كانت قراراته جزء من المشكلة أو قرارات من سبقه ، تجده رغم ذلك يحدثك بتعال وكأنه بأنه ملك الإصلاح والتطوير وأنه منزه أو من سبقه عن الوقوع في الأخطاء مع أن الطفل الرضيع يعلم تقصيرهم، وكما قيل من كان جزء من المشكلة لا يجب أن يكون جزء من الحل ..
تستيقظ غاضبا بلا سبب؛ عندما تجد مديرا يتحدث إليك بالمثاليات ويشبعك كلام عن مأسسة الشركات مع أن عنوان الخراب انطلق من داخل أروقتة مكتبة ،
اليوم أصبح البعض من أصحاب الكراسي يعالج الخلل كمن يدخل إلى بيت تمت سرقة جزء من أثاثه، فلا يكلف نفسه بالبحث عن السارق بل يقتص من صاحب البيت فيهدم البيت بكل ما فيه لتنتهي القضية برمتها وتدفن حتى ولو كانت على حساب الوطن والمواطن...
كلامي يطول وسافرد لكل ما تحدثت به باللهمس عددا من المقالات تشخص للحاله التي اشاهدها بأم عيني كل يوم ،
في الختام أقول في فمي ماء وهل يصمت من في فمه ماء...
حمى الله الأردن وطنا وملكا وشعبا ،والويل للفاسدين ومن لف لفهم أو سهّل أمرهم او تخاذل في لجمهم ومحاسبتهم...
تعليقات
إرسال تعليق