شاهر الحمود بعد التقاعد الى مقاعد الدراسة الجامعية

أبو ثبات ..... الاستاذ شاهر الحمود

كتب #هاني_سمير_يارد

عندما نقلتني رحمة الوالدة من مدرسة راهبات الوردية بعد وفاة الوالد إلى مدرسة الفارابي الحكومية القريبة من بيتنا في بداية العام الدراسي 73-74، كان مدير المدرسة المرحوم الأستاذ شاهر الحمود "أبو ثبات" قد قدم استقالته، وكان يأتي المدرسة ليصرف أعمالها ريثما يأتي المدير الجديد ويسلمه العهدة والراية.

الأستاذ شاهر لم يعرفني، لأني، أولا، كنت محض وجه في حشد مؤلف من حوالي 200 طالب، ولأني لم ألبث في المدرسة سوى أسبوع قبل أن يحيل نفسه إلى التقاعد.

لم يكن الأستاذ شاهر مدرسا وتربويا وحسب، بل اكتشفتُ قبل حوالي عقد أنه كان ترجم وهو على رأس عمله عام 61 كتاب "السلطة والفرد" لـ برتراند راسل.

الكتاب قيّم ولا شك ولا أدل على أهميته من ترجمة ثلاثة مترجمين مختلفين له وصدوره عن أكثر من دار نشر وفي أكثر من طبعة.

الأستاذ شاهر لم يركن إلى حياة المتقاعدين الكسولة، بل سجّل في جامعة اليرموك ودرس ربما اقتصاد أو إدارة أعمال وهو والد شباب وشابات من مهندسين وأطباء مشهود لهم بالتفوق والتميز. فمن أنجاله البروفسور عزم الحمود الذي كرمه الملك حسين في الديوان الملكي لتفوقه في جامعة اليرموك والذي تخرج في معهد مساتشوستس، الجامعة رقم واحد في العالم.

أثناء دراسته في الجامعة كان لأبي ثبات سيارته الخاصة، لكن يبدو أنها كانت يوما في الصيانة أو شيء من هذا القبيل فصادف أن صعد إلى جانبي في سيارات المستشفى العسكري: السائق، أنا وإلى جانبي الأستاذ شاهر.

ما أن استوى الأستاذ شاهر في مقعده، كان السائق قد انتهى من توجيه إبرة مذياع السيارة إلى الإذاعة الإسرائيلية ليسمع نشرة الأخبار، فنهر أبو ثبات السائق:
- لماذا تسمع إذاعة إسرائيل؟ ألا توجد إذاعات عربية؟ أنا لا أسمع لإسرائيل ولا أريد أن تجبرني على الاستماع إليها لمدة خمس دقائق!

فما كان من السائق، وأظنه كان عسكريا متقاعدا، إلا إغلاق المذياع، وساد الصمت السيارة وركابها الخمسة زائد السائق، وكأن على رؤوسنا الطير.

ترجل أبو ثبات عند مبنى الاقتصاد، فتبعته مترجلا.

معلمو الأمس كانوا رجالا!

كانوا ثباتا!!


تعليقات

المشاركات الشائعة