زاعوق قوي

زاعوق قوي
من كتاب شذرات من التراث )
*رائد عبدالرحمن حجازي

أجواء خريفية أقرب منها لأجواء الشتاء ، في العَقد (غرفة لها أربعة أركان على شكل أقواس برميلية تلتقي معاً في مركز سطح الغرفة) حيث عائلة مثقال يلتفون حول منقل الحطب وقد استوقدت ناره وراح لون الجمر يبعث بالتأمل بين هذا وذاك . فها هو مثقال يحرك دلة القهوة وهو يقول: اللهم تشافينا شرها وحّرِّم جلودنا عنها (المقصود بهذا الكلام هي النار) أما محسن حفيده المدلل يقول: جدي اعطيني الملقط تا أحرتش الجمرات (المقصود هو اللعب والتسلية) أما زريفة فتقول مخاطبة كنتها سليمة : هو يا ميمتي قومي جيبي أتشمن زر بطاطا خلينا نشويهن ما دام الجمرات مستويات والكانون قاطع دخنته وبالمرة لقّمي ابريق الشاي ، فترد سليمة قائلة : حاظر(حاضر) يا عمتي .
جو عائلي دافىء يختزل فيه كل معاني العلاقات الأُسرية وراحة البال ودفىء الحوار .

فجأةً يُضاء #العَقد ليتبعه صوت الرعد وكأنه انفجار قوي ومن ثم ينزل المطر بغزارة وصوته كأزيز الرصاص ، مثقال يقول : اللهم اعطينا خيره وتشافينا شره اما زريفة تقول : إن شاء الله السنة الموسم غِلال ويستمر هطول المطر لدقائق وقبل أن يتوقف الهطول يركض محسن بإتجاه النافذة ليشاهد منظراً  لأول مرة في حياته يمر عليه  فقد رأى الساحة الرئيسة للبيت وقد امتلأت بالماء وعندها قال : يا بيييييييي ولكوا تعالوا شوفوا قاع الدار تقول انه  برتشة (بركة) مي ، يهرع الجميع للمشاهدة لكن مثقال لم يتحرك من مكانه وهو يعج على سيجارة الهيشي وقال : الحمد لله مليح اللي #سمَلنا(نظفنا) البير مشان يتعبى مي نظيفة  وفي هذه اللحظات يسمع الجميع طرقات قوية على باب الدار مقاطعةً كلام مثقال  فتقول زريفة : يا ستّار منهو هاظ جهّاد البلا اللي جاي بهالوقت؟ يركض محسن ويفتح الباب وإذ بصديقه #أنور_الأهتر  وكان في حالة يُرثى لها فطلب منه محسن أن يدخل .

دخل أنور وهو يرتجف  وتوجه فوراً للمختار قائلاً : مختال بدلت ابوي الحدنا دُلنة الدال انهالت ودلفتها المي . ما قاله أنور هو (مختار بقولك ابوي الحقنا قُرنة الدار انهالت وجرفتها المي ).
فيرد مثقال : له له له لا حول ولا قوة إلا بالله وإن شاء الله ما صار عليكوا خلاف ؟ فيجيب أنور : لا يا مختال الحمد لله ما تال اتي بت عادت المي عبت الدال ووعيتنا تلها لاحت بالتيل وبدلت ابوي والله مهو عالف تو بدو يتوي . ما قاله أنور هو (لا يا مختار الحمد لله ما صار اشي بس عادك المي عبت الدار ووعيتنا كلها راحت بالسيل وبقولك ابوي والله مهو عارف شو بدو يسوي).

فوراً يتخذ مثقال إجراءاته الفورية المعتادة وهي على النحو الآتي:-
يطلب من محسن اعطاء ثياب لأنور ليستبدل ثيابه المبللة ويجلسه أمام الكانون ليزيل عنه الراجوفة  أما زريفة تستضيف أم أنور في غرفتها وتقوم هي الأُخرى بإجراء اللازم  ومثقال سيستضيف زيدان والد أنور بالمضافة حتى الصباح .
هاهم الجميع بعد ساعة من الوقت تجمعوا حول المنقل ولكن الحُزن والهم كان واضحاً على زيدان وزوجته على ما أصابهما  بينما أنور كان فرحاً حيث سيقضي ليلته عند صديق عمره محسن .

 تنبه المختار لحالة زيدان وخاطبه قائلاً : لا تهتشل هم(لا تهتم)  غد من الصُبح بنطلع أنا وياك وبنوخظ الزُلم وبنبني قُرنة الدار وبنطينها ، وبالنسبة للعفشات خيرالله وجاد ترى وهدك(عفشك وفراشك) كله أني وأهل القرية بنتكفل فيه . لِد وراك هاظ المطوى بيه بدال الفرشة عشرة  لا تزعل ولا على بالك هاظ أمر الله وصار .

فيرد زيدان : الله يبارك بعمرك وبعمر أولادك يا أبو طايل ويكثر الخير عليك وعلى أهل القرية  ابس أني مقهور على حالي لأني ما نظّفت مجرى المي داير الدار وتشاهيت (تكاسلت) عنها تا صار اللي صار.
فيقول مثقال : بسيطة يا زيدان الواحد بتعلم من  : كيسه وهاظ درس ليك لولد الوالد 


تعليقات

المشاركات الشائعة