كتب ناصر الشريدة
شكل عام (2009م) ، نقطة تحول وانطلاقة للمرأة الريفية نحو الحياة
العامة بمساراتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الوية غرب محافظة اربد ، بعد
الضغوط المعيشية التي تعرضت لها مجتمعاتها انذاك ، لكنها الان تُظهر تراجعا غير
متوقع بفعل جائحة كورونا ونقص فرص العمل وتآكل الدخل المادي.
وتقول الناشطة في المشاريع الصغيرة فاطمة بني عيسى ، ان مجتمعاتنا
الريفية في هذه الظروف الاقتصادية والصحية الصعبة ، اعطت اولوية لتعليم المرأة
وتأهيلها مهنيا ، لتمكينها من دخول سوق العمل عبر بوابة اقامة مشاريع صغيرة تناسب
طبيعتها يكون منزلها نقطة البداية او مقر جمعيتها ، حتى تتحمل مسؤولية تحسين ظروف
اسرها المعيشية وخلق فرص عمل للمرأة .
على الرغم من ممارسة المرأة للحياة السياسية والخدمية
عبر بوابة الانتخابات وتشكيل الجمعيات الخيرية والتعاونية ، اثبتت ذاتها في تحقيق
مكاسب مادية لاسرها وتعزيز المنظومة الاقتصادية والاجتماعية لقطاع المرأة ، بالاحتفاظ
بموقع لا يستهان به في الحياة العامة ، بعد ان كانت تواجه مجتمع ذكوري سيد في
الرأي والفعل والعمل وتغلبت على كل هذه التحديات .
وتعترف عضوة اللامركزية في محافظة اربد هاجر
درادكة ، انه رغم ما تتمتع به المرأه الريفية من إمكانيات ومهارات في المجال السياسي
والتطوعي ، الا انها مازالت تقف أمام مجتمع ذكوري حتى النخاع ، تؤكده معطيات واقعية
تدفع فئات عريضة ونخب مثقفة بالمجتمع على افشال
انخراط المرأه في العمل السياسي .
وتضيف
درادكة ، رغم هذه التحديات المجتمعية تجد زيادة في نسبة توجهات المرأة الريفية في
الاعمال الخدمية والتطوعية والسياسية ، ومشاركتها الواسعة في الترشح والانتخابات ،
بعد ان تمكنت من كسر الحاجز النفسي والثقافي ، وكسبت ثقة مجتمعها في العمل
والانجاز ، حتى بدأت تلقى انسجاما وتأييدا لطروحاتها التنموية والسياسية ، ووصولها
الى عضو مجلس نواب واللامركزية ورئيسة بلدية ومنطقة وجمعية .. الخ .
ويُرجع باحثون في شؤون المرأة ، مؤشرات التحول في حياة المرأة
الريفية الى قبولها العمل بالمصانع والوظائف المختلفة ، ومشاركتها في النشاطات
الخدمية والخيرية التي تصب في صالح قطاعها ومجتمعها ، حيث انتشرت في الاونه
الاخيرة وبفضل قانون الجمعيات الخيرية جمعيات نسائية باعداد غير مسبوقة انطلاقا من
نظرتها باحداث تغيير اجتماعي والاقتصادي في ظل ازمة كورونا .
واشاروا ، ان المرأة الريفية كانت تعاني في وقت سابق بشكل
عام من التبعية للرجل وعدم إشراكها باتخاذ القرارات التي تخص اسرتها ، وعدم تمتعها
بالاستقلال المالي على اساس العادات
والتقاليد الخاصة حتى لو كانت موظفة وعاملة بالقطاع الخاص ، الى ان جاء عام
(2009م) وتغيرت بعض هذه المفاهيم .
ودخلت المرأة الريفية حسب " ام تميم " معترك الحياة العامة
من بوابة التعليم الجامعي لتحقيق هدفين ، الوظيفة والزواج ، بعد ان سمح ولي الامر لها
الالتحاق بالتعليم والحصول على اعلى الشهادات ، فضلا عن توسع نظرته وافقه صوب
اعطاء فرص اكبر لها بالوظائف بشقيها العام والخاص ، في اطار تغيير التفكير السائد بالمجتمع
الذي يؤهل المرأة ان تكون منتجة بدلا من إن تكون مُعالة
.
وتقول
خريجة الاعلام وعضو مجلس محلي صمد إشراق ابو دلو ، المرأة تنظر الى حقها الشرعي
بالعمل اذا سنحت الفرصة لها ، بسبب حصولها على التعليم الاكاديمي والتقني المطلوب
، وانها تُكمل الرجل والاثنان يشكلان عنصر النجاح ورقي المجتمعات ، والاستئناس
برأي الرجل في كل المجالات الحياتية مطلوب ومحط احترام فلا يمكن القفز عليه مهما
كانت المبررات .
وتظهر
مؤشرات رقمية ، ازدياد عدد النساء الناشطات في المجال السياسي والخدمي والتطوعي
والوظائف العامة والخاصة في المجتمعات الريفية ، حيث تجد في الحالة الانتخابية على
سبيل المثال اعداد كبيرة منهن يطرح اسماءهن للترشح وخوض الانتخابات ، وذات الامر
في الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني التي تمنحها فرصة الانتساب ، وقس على ذلك
بالوظائف العامة والخاصة .
وتؤكد " ام عبدالله " ان قطاع
المرأة قد تغير منذ عشرة اعوام في المجتمعات الريفية ، فبعد ان انحصر دور المرأة
في التعليم ، توسع الى الجمعيات والوظائف المختلفة والترشح بالانتخابات ، فكانت تجربة
الكوتا النسائية في بدء تطبيقها لا تجد من يتقدم لها ومن تتقدم تفوز بالتزكية خلاف
اليوم الذي بات الصراع في قطاع المرأة لا يطاق .
ويلاحظ في الاونة الاخيرة توجه غير طبيعي
للمرأة ، الالتحاق في دورات وورش مختلفة تعقد هنا وهناك ، من مبدأ زيادة المعرفة
والثقافة وايجاد فرصة عمل ، وهذا لم يكن مقبولا في فترة ما حتى بوسط المرأة ، فنجد
اليوم المرأة تعمل بالمشاريع الزراعية والصناعية الخفيفة بعد ان حصلت على تمويل من
مؤسسات اقراضية كمؤسسة الاقراض الزراعية وصندوق التنمية والتشغيل وغيرهما .
غير ان سيدات بدأن يخشين من الدوران الى
الوراء واضطرارهم للعودة الى البيت قسريا ، بعد ان يفقدن وظائفهن في المصانع ومؤسسات
القطاع الخاص ، وتوقف القطاع العام عن التوظيف لنهاية العام ، بعد تغير الواقع
الاجتماعي والاقتصادي بفعل وباء كورونا المستجد ، وتذهب رياح التغيير التي انطلقت
عام (2009م) ادراج الرياح .
وتفيد سيدات ناشطات في
الكورة ، ان ظهور انتكاسة جديدة في قطاع المرأة سيما في حقل العمل الاجتماعي التطوعي
والوظائف ، سوف يكون ضربة قاسية للمرأة في مجال التعليم والزواج ، ما لم تبادر
الحكومة الى وضع سياسات وخطط وقائية تنقذها من الغرق قبل فوات الاوان .
تعليقات
إرسال تعليق