صورة اخبارية || النكته
النكته اسلوب حياة لمواجهة الكورونا
كتب ناصر الشريدة
يقول المواطن ابراهيم العمري من بلدة
حبكا بلواء المزار الشمالي " شر البلية ما يُضحك" ، فعلا هذا وصف حال المواطنين
في بلدات الغلق بمحافظة اربد لمواجهة فيروس الكورونا ، الذين بدأوا ينتجون ويتداولون
فيديوهات مدبلجة تراوح بين روح الفكاهة والحزن في اطار التسلية وقضاء الوقت ، الى
ان يحين فرج الله .
ويُعلق الشاب الاربعيني العمري ،
بألم المشهد قائلا "ان كثرت همومك غنيلها" ، بعد مداهمة فيروس الكورونا
عدد من افراد قريتنا الحبيبة الآمنة دون سابق انذار ، وقلب حياتنا هم وغم وقلق كما
غيرنا واغلق الباب علينا ، فيما نشط بعض هواة الدوبلاج والمكساج من الشباب ،
واستغلوا احداث الكورونا بانتاج فيديوهات تُحاكي واقعنا من خلال برامج محملة على
اجهزتهم الخلوية ، فرجوا وخففوا عنا صدمتنا ومصيبتنا في جو من الطرافة والفكاهة ،
سيما ان المزاريون يتحلون بروح خفيفة ومسحة فكاهية على السنتهم توارثوها عبر
الاجيال .
واستبدل اهالي بلدات الغلق في
محافظة اربد فيديوهات السوشيال ميديا ذات الهمز واللمز التي لم تنل من عزيمتهم
ابدا ، بفيديوهات نابضة بحب الحياة وبالمرح والفرح والصبر وشحذ الهمم ورفع
المعنويات لمواجهة وباء الكورونا اللعين ، مستخدمين الاغاني والنكات والرسوم
الكاركيترية المدبلجة التي تخفف عن النفس همومها وتحن الى الامان والطمأنينة .
وفي كتابه "الفكاهة والضحك رؤية
جديدة" للناقد الدكتور شاكر عبدالحميد يقول فيه ، أن النكته تحقق التواصل الاجتماعي
بين الأفراد والجماعات خاصة في أوقات الأزمات ، حيث يتزايد تناقل النكات مع تزايد الشعور
بالأزمات والتهديد والحصار ، وتلعب دورا مهما في مقاومة الاكتئاب والقلق والغضب والإحباط
من خلال الوجود الضاحك معا، وفي أثناء التفاعل الاجتماعي الخاص بالنكتة ، فالنكتة أسلوب
كذلك لمواجهة الأزمات النفسية .
ويبدو الليل في ظل وباء الكورونا
في بلدات الغلق الاردنية ذو شجون بعد طول سهر حسب المواطن محمد عبدالله طلافحة ،
الذي يقول صرنا نمضي الليل ونتمنى ان يطول اكثر فاكثر على حساب النهار ، من باب
الالتزام ببيوتنا والخلاص مما نحن فيه ، بعد ان اثبتنا للجميع اننا على قدر
المسؤولية وباذن الله ستعود بلدتي جحفية الى ما كانت عليه بل افضل .
وارتفعت آهات وتنهيدات اسرة
"ابو نافع" في احدى بلدات الغلق حين غنى احد ابنائه بصوت حنون دافئ
يشوبه الحزن العراقي ، يا ليل طول علينا ، على العيشة اللي احنا فيها ، الكورونا
وصلت علينا ولا عمرها بتنتسى ، والله احنا كنا حلوين من قبل وقلوبنا رح تبقى بيضا
، فالهم رح ينجلي وبكره لينا عيد ، وابعث سلامى للناس الطيبة ، وفكرهم بالمحبة و بأيام
زمان لما كنا مبسوطين .
ويواجه الاردن منذ ثلاثة اسابيع
جائحة الكورونا ، وبالذات في بلدات بمحافظة اربد ومناطق بعمان ظهرت فيها بؤر
للفيروس ، استنفرت فيها الحكومة كافة اجهزتها المختصة لاحتواء الوباء ومنع انتشاره
والقضاء عليه ، بعد ان اتخذت اجراءات وقرارات هامة تضع حدا لاية تداعيات خطيرة
ربما ينزلق اليها الفيروس غريب الفهم والحركة ، وسبقت فيها معظم دول العالم .
ويؤكد مواطنون في بلدات الغلق ، ان
صبرنا على قساوة تطبيق قرارات الحكومة يهون طالما انها تعمل لحمايتنا وتخاف علينا
، وها نحن ملتزمون ومثمنين كل ما تقوله لنا ، حتى اننا تكيفينا مع الواقع
الاجتماعي الجديد ، فابتعدنا عن التزاور وعن طقوس ومراسم المناسبات والمصافحة
والتقبيل ، انتظارا لبيان " رقم الصفر" الذي سيصدر عن الحكومة بانتهاء
وباء الكورونا في الاردن .
ويرى المزاري النشمي محمود
السرميني ، أن النكته والاغاني الشعبية الهجيني سادت مشهد البلدات التي تم اغلاقها
بلواء المزار الشمالي ، كونها تخفف من وطأة القيود المفروضة على حركة المركبات
والعلاقات الاجتماعية بين المواطنين وحركة التسوق ، بسبب فيروس الكورونا اللعين ،
مشيرا الى ان اجواء الفكاهه والاغنية والاستمتاع بما تنشره فيديوهات شبكات التواصل
الاجتماعي والسوشيال ميديا ، شكلت عند المواطنين مخرجا للتنفيس عن مشاعر القلق
والخوف وابعدتهم عن الانزلاق نحو الامراض النفسية .
ويؤكد الشيخ حسن الطلافحة ، ان ما
تشهده مفاصل الحياة في البلدات المغلقة والمعزولة عن البلدات الاخرى يتطلب الصبر
والاحتساب الى الله حتى تزول الغمة وينتهي الوباء ، وان قراءة القرأن ومطالعة
الكتب وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام المختلفة خير جليس في هذه
الظروف والبقاء بالمنازل حرصا على السلامة العامة والمصلحة الوطنية .
ان عالم الفكاهه والضحك لا ينقطع
ما دام في الكون ازمات ومناسبات ملاح ، فلا يتوقف الناس عن اطلاق النكات لانها
اصبحت جزء من منظومة فسيولوجية اجتماعية توارثوها كابرا عن كابرا ، لانها بتصورهم
شفاء لكل امراض العصر ، فالبسمة دائما ترتسم شفافة وتجسد الامل والمحبة نحو غد
افضل مشرف .