كورونا تغيب الاحزان والتواصل الاجتماعي بديلا
* ناصر الشريدة

وقد لا يكون غياب مشاركة المواطنين
في دفن موتاهم خوفا من انتشار كورونا ، بل على العكس نظرتهم للموت تبدلت ، واحاسيسهم
تغيرت ، ومقولتهم إكرام الميت دفنه ، ووجدوا من كورونا وحظر التجول عذرا لهم دون
إبداء المبررات لاهالي المكلومين .
ويؤكد المواطن سليمان بني سلامه ،
ان مراسم دفن الموتى وتقبل العزاء على المقابر ، كانت تؤثر بالجموع المشاركة وتذكرهم
بالموت وتشحن عقولهم وقلوبهم "ان للموت واعظ " ، وان اجسادهم سوف يلفها
التراب يوما ما ، وتعطيهم فرصة للتراحم والدعاء للمتوفي بالقول " انا لله
وانا اليه راجعون" .
ويرى مراقبون للشأن المحلي ، قد لا
يكون فايروس كورونا وحده سببا بانتهاء مراسم دفن الموتى وتقبل العزاء على المقابر
وفي المضافات والدواوين ، بل لعبت اوقات حظر التجول دورا هي الاخرى في الزام المواطنين
بعدم المشاركة الا لعدد محدود من اهل المتوفي ، حتى صار الموت مجرد دقائق معدودة
وينتهي الامر ويطويه النسيان والايام .
ويقول المواطن قتيبة بني عيسى ، ان
صفحات الفيسبوك على شبكة التواصل الاجتماعي ، حلت مسألة تقبل العزاء وتقديم الواجب
، حيث اقتصرت مشاركة العزاء والمواساة عليها ، بحيث يجد المتصفح زخما وازدحاما منقطع
النظير لمنشورات تحمل اعلان الوفاة وتقبل التعازي ، ويبدو انها اكثر المنشورات
قراءة ومتابعة على الشبكة حتى انها تجمع اكبر قدر من اللايكات والتعليقات .
ويعلق الشاب صهيب المقدادي بالقول
، لم يعد اهل المتوفي يجدون من يخفف من مصابهم الجلل او من يسأل عنهم الا من اقرب
الناس اليهم ، وكأن المتوفي لا بواكي له ومقطوع من شجرة على حد المثل الشعبي ، بذريعة
انتشار كورونا ، في حين ان التزاحم على المخابز والبنوك والمحال التجارية والخضار يحدث
على مرآى من الجميع ولا احد يخشى كورونا .
وتولدت قناعة عند الاردنيون في ظل
حظر التجول المعمول به وبالاوقات المسموح بها للحركة ، انتهاء جدلية مراسم دفن
الموتى وما بعدها ، ولا داعي لاحيائها من جديد حتى مع غياب الاسباب التي اوجدت
الواقع الحالي ، مكتفين بالمواساة عبر شبكات التواصل الاجتماعي والاتصال هاتفي ،
وغير ذلك مرفوض جملة وتفصيلا .
في زمن كورونا كل احوال الناس تغيرت
حتى سلوكياتهم طالتها تعديلات كبيرة ، الى ان اصبح الموت لا مراسم ولا موعظة ولا
حزن ولا دعاء للميت ولا ذكر مناقبه ولا تفقد احوال اسرته واهله ، فالجميع اصبحوا
بمسطرة الموت سواسية لا فرق بين غني ولا فقير ولا كبير ولا صغير ، حتى بات يُعرف ويتدول
بين الناس عند دفن الميت " عاش حزينا ومات حزينا " .